أنت ما يستحق أن تقاتلي من أجله.
أكتب هذه الكلمات لأي شخص يشعر بالضغط والإضطهاد ويبحث عن سبب للاستمرار. أكتب هذه الكلمات لكل مَن يكافح من أجل غاية.. للمطحونين، للتائهين، لمن يشعرون أن الأمور خرجت عن السيطرة. أكتب هذه الكلمات لمَن يسعون لتحقيق شيء أكبر من أنفسهم، لكنهم مقيدون بين أفكار عديدة، لا يعرفون أيها أولى بالقتال في سبيله، ولا كيف يفعلون ذلك.
أكتب هذه الكلمات، لأخبركم أنكم أنتم الغاية .. أنت السبب الذي تبحث عنه، أنت الغاية والقضية المهمة التي كنت تظن أنها أهم منك، إنه أنت مَن يستحق القتال من أجله.
قد تتساءلون مَن أكون، وكيف أمتلك المعرفة أو أستحق أن أقول تلك الكلمات! لقد مررت بأعوام من التنمر (البلطجة)، والإيذاء الجسدي.. لقد تعرضت لأسوأ ما يمكن أن يتعرض له الإنسان؛ للاغتصاب. لقد خضت المراحل الأولى من سرطان عنق الرحم، لأنى لم أعرف كيف أتعامل مع مشاعري، حبستها بداخلي حتى صارت مرضًا. لقد مررت بأوقات مظلمة عديدة، كنت أحلق في الفراغ، وأنا أمل أن أجد من يحلق فيّ، ويخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام.
لقد كنت مشغولة جدا بفعل الصواب، أن أكون قوية، أن أسعد الجميع، دون أن أعرف كيف أسعد نفسي. لقد ظننت دائمًا أن الناس سيحبونني أكثر إذا ما رأوا ابتساماتي دون دموعي، لقد ظننت أنى سأحب ذاتي أكثر إذا كنت أستطيع أن أجعل الآخرين يبتسمون. لقد كنت أريد مساعدة الآخرين مستفيدة مما تجاوزته في حياتي، دون أن أدرك أنني لم أكن أمتلك حياتي في المقام الأول.
لقد عشت أعوامًا تطاردني فكرة الانتحار، حتى أني حاولت الانتحار. لقد عانيت بين كره الذات وحبها، وكل ما هو بين النقيضين، لقد خضت كل تلك المعارك، وانتصرت فيها.
كيف امتلكت الجرأة لأتحدث في النهاية؟ لأبوح بكل ذلك؟ بينما أكتب هذه الكلمات، ترتعش أصابعي مع كل نقرة على لوحة المفاتيح، لأني ببساطة لم أعتد التحدث عن نفسي. لقد كان دائمًا التحدث عن الآخرين، الدفاع عنهم أسهل بكثير من الدفاع عن نفسي، من أن أكون نفسي.
إذن، لماذا أكتب هذه الكلمات الآن؟ مع ازدياد البلطجة والتنمر فى مجتماعتنا، مع كل مَن نعرفهم ومَن لا نعرفهم الذين قاموا بالانتحار، شعرت أن عليَّ أن أقوم بدوري. وددت أن أقول لكل مَن يواجه صعوبات في حب ذاته، “أنت لست وحيدًا”، لكل مَن تعرضت للاغتصاب أو لأشياء صادمة.. “أنتِ لست وحيدةً”.
يمكنني الآن أن أشعر بالشكر والعرفان، بعد مرور أكثر من عشر سنوات دون أن أفكر في الانتحار، أني بدأت أرى نفسي أكثر وضوحًا، أني أصبحت أحب نفسي لكل ذلك، لكل ما مررت به. لم أنسَ بالتأكيد ما مررت به، ما زال قلبي يتذكر تلك الأوقات، ويتحطم عندما أتخيل طفلًا أو شخصًا يعاني مثلما عانيت .. “أنت لست وحيدًا”.
لقد نجوت، بالرغم من أكثر اللحظات الحالكة التي مررت بها، تمكنت النهوض مرةً أخرى، تمكنت من المسامحة ومساعدة الآخرين. طلبت العفو أنا أيضًا، فالرب يعلم أني – ككل البشر – لست مثالية.
كيف يثمر عملي الشاق والمتفاني في البحث عن الشفاء؟ كيف أصبحت “واين داير” أو “لويس هاي” أو “ديباك شوبارا” العالم (من أعلام العلاج الذاتي ومساعدة النفس والطب البديل)؟ كيف تحولت من خانة الضحية لخانة المنتصر؟ متى حقـًا تمكنت من الشفاء، حتى أساعد في شفاء الآخرين؟
أدركت الآن في لحظة صفو، أنه كان عليَّ أن أدرك ذاتي أولا، أن أكون نفسي، أن أقدر نفسي، مَن أكون، ماذا رأيت وما مررت به. لقد كان ذلك أمرًا مهما، ليس لي فقط، ولكن لكل مَن مر بشيء مشابه ويستطيع أن يفهم ما مررت به. لا يهم ماذا كنت أحاول أن أفهم، أو مَن كنت أحاول أن أساعد، كان يجب علىَّ أن أقاتل من أجلي في البداية، لأن مَن أستطيع أن أساعد إن لم أكن أستطيع أن أكون صادقة مع نفسي.
لقد خضت تلك المعركة، التي ربما كانت أصعب ما واجهته، لكني خرجت منها منتصرة، وأنا أعلم أني أستحق أن أقاتل من أجل نفسي. أنت أيضًا، لا يهم إذا كنت تفكر في الانتحار أم تشعر بضيق الصدر وانعدام الأمل، أو تحتاج فقط لضربة على مؤخرتك لتكمل رحلتك وسط تلك الأيام الصاخبة.
إذا كنت تبحث عن غاية، عن قدر، فأنت الغاية، وأنت قدرك.
أنت تضر نفسك ومَن حولك إذا كنت لا تستطيع أن تنظر إلى حياتك بأمانة وصدق بسبب خوفك على ما حققته.
لقد حان الوقت لتتوقف عن محاولة أن تكون مثاليَّا، وأن تدرك أنك مثاليٌّ. حان الوقت لتتوقف عن القسوة تجاه نفسك حتى نتوقف عن القسوة تجاه الآخرين. آن الأوان لندرك أن لدينا الكثير لنعيش من أجله، لا أتحدث عن عالمك الخارجيَّ فقط، ولكن عما يدور بداخلك أيضًا. فالحياة ليست ما نستطيع أن نستخلصه من الآخرين، إن الحياة هي ما تستطيع أن تقدمه لنفسك من ثروة وعطايا، ومن تجارب ومعاني الحياة.
لست متأكدة مَن سيقرأ هذه الكلمات، ومَن ستساعده فعلا، فالحياة مليئة بالأشياء التي لا نستطيع السيطرة عليها، لكن معركتنا مع أنفسنا لا مفر من الانتصار فيها. أدرك معنى أن يُداس عليك، أن تضرب، أن تحطم.. عليك أن تتماسك، لأن القيمة التى ستضيفها للحياة بخروجك من تلك الأزمات أكبر وأهم بكثير مما تتخيل.
أشكركم على وقتكم لقراءة هذه القطعة، أشكر أسرتي التي كافحت معي وساعدتني كثيرًا، بكثير من الحكم، وبدون أحكام. أشكر أصدقائي، الذين أنصتوا لي، مرة تلو الأخرى. وأخيرًا، أشكر فيليب، الذي استطاع أن يرى فيَّ نفس الشيء في أفضل لحظاتي وأسوئها، في كل الظروف، تحملني وصبر عليَّ حتى استطعت أن أرى أنا أيضًا، أني أستحق أن أقاتل من أجلي.
آشلي كوبر
الأراء المعروضة هنا، ليست بالضرورة تمثل أراء ومان فور وان Women For One
0 comments to "أنت ما يستحق أن تقاتلي من أجله."