النساء في بلدي مصر: آلاء منصور.
أخواتي العزيزات حول العالم ..
هذه القصة الجميلة لـ”أخت” لي في مصر. إنها عضوة فريق “وومان فور وان” آلاء، التي كتبت لنا رؤيتها صادرة من قلبها حول دور المرأة في الشرق الأوسط. آلاء هي فتاة بنت 23 عامًا، تدرس بجامعة القاهرة، في مصر. عندما أتحدث مع آلاء أشهر أن قلبي يتسع كل نساء العالم، أشعر بقوتهن، وأفكارهن، وأجسادهن، بالإضافة لما هو أهم.. قلوبهن. شكرا لكِ آلاء.
“البنات في بلادي عيب ..
عيب تشاور
عيب تحاور
عيب تحب
و عيب تثور
البنات في بلادي تقدر تبقى جنّة
تبقى نور
البنات في بلادي تهتف
بس من جوّه الشاشات
البنات في بلادي مادة
للحكاوي في الحارات
البنات في بلادي جدعة
و تلاقيها بـ 1000 راجل
البنات في بلادي حاسّة
في كل لحظة بـ اللي حاصل
أيوا محبوسة بأوامر
بس حرّة في المشاعِر
رغم عند أوان معُيّن
كل دا بيكون سراب
غصب عنهم ..
البنات في بلادي عايشة
جوّه شبورة ضباب
البنات في بلادي حلوة
البنات في بلادي غنوة
البنات في بلادي طاقة
بس مأسورة وحزينة
البنات في بلادي زيــنَة
بس مكسورة الجِناح
البنات في بلادي حتى
صعب تشكى م الجِراح..
البنات في بلادي حـُرّة
بس من جوّاها بس
البنات في بلادي صعب
حتى تنطق .. لو تحِس
البنات في بلادي ضحكة
والحنان لازم خُطاها
البنات في بلادي فرحة
والأمل ساكِن غُناها
البنات في بلادي تحلم
بس تحلم من بعيد
أيوا مش كل البنات
بس دا الحال مِن سُكات ..
جوّه في بلاد الصعيد”
اخترت أن أبدأ مقالي بقصيدة للشاعرة “مـروة جمال الدين”، لأنها تشرح بوضوح حياة المرأة المصرية. تعاني الكثير من النساء والفتيات في مصر، ومعظم بلاد الشرق الأوسط من مشكلات عدة، وأهم مشكلة من وجهة نظري هي الأمية. تتجاوز نسبة الأمية بين النساء في مصر الـ60%، وتستمر هذه النسبة العالية في الازدياد بسبب الفقر. حيث تمنع أغلب الأسر في الريف وصعيد مصر بناتها من التعليم بسبب انخفاض الدخل، وعدم امتلاكهم المال الكافي لتعليمهم، فعلى الرغم من المجانية في المدارس الحكومية، إلا أنهم يضطرون لإجبار بناتهم على العمل عن إكمال دراستهن لمساعدة الأسرة ماديا.
يعتقد العديد من الأشخاص في أرياف وصعيد مصر والمناطق الفقيرة في المدن، أن تعليم الفتيات قد يجعلهن يتمردن على قرارات عائلتهن، وقد يرفضن الخضوع لأوامرهم، ومن أهم هذه الأوامر هي الزواج المبكر. أتذكر وأنا في الثالثة عشر من عمري، أن العديد من زميلاتي قد تزوجن في هذه السن الصغيرة وقد يُعتبر هذا أمرٌ مقبولٌ في الأرياف حيث كنت أعيش. وللأمانة، كانت زميلاتي سعيدات جدًا لأنهن سيكون لديهن حياتهن الخاصة، وعائلتهن الجديدة. وقررت بعض هؤلاء الفتيات أن يكملن تعليمهن حتى بعد حملهن إلى أن يصلن إلى مرحلة التعليم قبل الجامعي.
تؤمن العديد من النساء في مصر بالمثل المصري “ظل راجل ولا ظل حيطة”، ولكن – من وجهة نظري – ظل الحيطة في بعض الأحيان قد يكون أفضل. أعرف العديد من الفتيات تزوجن وهن في السابعة عشر والثامنة عشر، وبعد عامٍ أو عامين، بعد أن رزقن بأطفال، تخلى عنهن أزواجهن وتم الطلاق، وبسبب عدم استقلال المرأة ماديًّا تضطر إلى ترك أطفالها للزوج لكي يُتاح لها فرص الزواج مرة أخرى، وفي الأغلب يكون الزوج الجديد أكبر منها بـ20 سنة أو أكثر.
ما زال العديد يؤمنون بأن الولد أفضل من البنت، وبالتالي يُصر بعض الرجال على إنجاب “الولد”، حتى لو تطلب الامر أن يتزوج أكثر من مرة أو إنجاب العديد من الفتيات حتى يحصل على الولد! وهناك أيضًا العديد من المشكلات المتعلقة بالزواج التي قد تواجه الفتيات، مثل أن تُجبر على الزواج بسبب المال. تجد الفتيات يتزوجن من أشخاص لا يرغبن بهن، مثلا.. أعرف العديد من الفتيات اللآتي تزوجن برجال من دول الخليج العربي لأنهم يمتلكون المال، وللأسف يتركهن أزواجهن بعد شهرين أو ثلاثة. للأسف كل هذا يحدث بالفعل، ولا تستطيع تلك الفتيات الفقيرات التواصل مع أزواجهن أو الحصول على أي حقوق بسبب الفقر.
والفقر مشكلة أخرى يعاني منها النساء، ربما أكثر من مشكلة التعليم. بعض الأسر تمنع بناتهم من الذهاب إلى المدرسة لأن هذا غير مقبول في أعرافهم، أو لأنهم يرسلون بناتهم للعمل بسبب احتياجهم إلى المال. عانى اثنان من بنات عمي من هذه المشكلة، واحدة منهما تعاني من شلل الأطفال، وكان يجب عليها أن تعمل لتساعد والدها. ولكن بعد أن كبرت، أدركت أهمية التعليم، وقررت أن تلتحق بمدارس محو الأمية. كانت تعبر لي عن مدى سعادتها بقدرتها على القراءة، وإحساسها بأنها مختلفة عن العديد من الفتيات والنساء في قريتها، خصوصًا وأنها لم تتزوج بسبب إصابتها بشلل الأطفال. ثم قررت أن تحقق ذاتها، فسافرت إلى محافظة أخرى للعمل في مهنة الحياكة، التي أتقنتها منذ صغرها. وهي الآن تعمل في مدرسة، بعد أن أتيحت لها الفرصة للعمل بها، وبالرغم من أن المرتب ضئيل، بسبب المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، إلا أنها سعيدة بما حققته في ظل ظروف حياتها الصعبة، وأنا شديدة الفخر بها.
هناك العديد من النساء اللاتي يعتنين بأطفالهن بمفردهن، إما بسبب موت الأب أو الطلاق، وفي الحالتين فإن الحصول على فرصة أخرى للزواج مرة أخرى ضعيفة جدًا، مما يخلق مشكلة أخرى وهي مشكلة البحث عن وظيفة في مجتمع يعاني من ازدياد معدل البطالة، وبالتالي قد نجد العديد من النساء في القاهرة والمدن الكبرى يتسولن للحصول على المال، وقد يرغمن أطفالهن على التسول أو العمل كبائعين جائلين.
وهناك واقع آخر مرير، وحقيقة صادمة تعاني منها الفتيات في القرى وصعيد مصر، وهي الختان، فقد يرفض بعض الرجال الزواج من اللاتي لم يتم ختانهن. ولذلك.. تلجأ النساء إلى إرغام بناتهن على الختان لضمان زواجهن، وقد يتسبب الختان في مشكلات نفسية وعضوية قد تصل إلى الوفاة في بعض الأحيان. في بلدي، يضطهد الرجال الفتيات، لتكبر الفتايات ويضطهدن بعضهن البعض.
لقد منح ديننا – الإسلام – النساء نفس الحقوق التي منحها للرجال، فكلاهما سواء. فعلى سبيل المثال، على الآباء أن يعاملوا أبناءهم وبناتهم نفس المعاملة دون التفريق بينهم، وإذا كانت لديهم المقدرة على تعليم الأولاد فعليهم أيضًا بتعليم بناتهم. يخاطب الله النساء في القرآن كبشر دون تفرقة بينهن وبين الرجال، بل ويزدهن تشريفًا بتسمية سورة من سور القرآن بالنساء، وأوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم باللطف في معاملة النساء، وقد قال في حديثه الشريف عن أبي معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ابن حدير عن ابن عباس، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن وُلدت له ابنة فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله بها الجنة”. لقد أوصى رسولنا الكريم الرجال بأن يحفظوا حقوق النساء وأن يستوصوا بهن خيرًا.
نحن في أمس الحاجة بأن يراعي مجتمعنا آدمية المرأة، وأن يتعامل معها كبشر مثله وليس كأحد ممتلكات الرجل التي يتم نقلها من بيت أبيها إلى بيت زوجها، أو كجسد بدون عقل، يؤدي أدوارًا يزعمون أنها خلقت فقط لتؤديها. يجب على المجتمع العربي والشرق أوسطي أن يعي أهمية التعليم للفتيات والمرأة، لأنهن مسؤولين عن إنشاء أجيال المستقبل. وعلى الحكومة أن تعتني العناية الكاملة بالنساء غير القادرات اللاتي لا يمتلكن دخلًا ماديًّا أو يعانين من عجز ما. لو استمرت الحكومات في الوطن العربي في إهمال حقوق النساء واضطهادهن فإن البلد ستستمر في المعاناة من معظم مشكلاتها. تستحق النساء والفتيات في بلادي دعمهن وتعليمهن وتمكينهن للمشاركة في تنمية أوطاننا، وهذا ما أتمناه.
آلاء منصور
0 comments to "النساء في بلدي مصر: آلاء منصور."